Skip to content Skip to footer

الجودة: امتثال أم أداء؟

فهد بن سعيد الحارثي

يقول هنري فورد “الجودة تعني القيام بالأشياء بشكل صحيح عندما لا يراقبك أحد” وعلى الرغم من ازدياد الاهتمام بإدارة الجودة، ونماذج التميز المؤسسي كفلسفة تنظيمية في المؤسسات الحكومية، والقفزة الكبيرة في الحصول على شهادات الاعتماد التي أخذت ممارساتها تنتشر بشكل تلقائي وفقًا لنماذج ومواصفات عالمية باعتبارها المحور الرئيسي والمنهجية الأساسية في تحسين الأداء المؤسسي؛ وأصبحت العديد من المؤسسات ترى الجودة والجودة كوسيلة للحصول على شهادات امتثال دون النظر إلى القيمة الحقيقية التي يمكن أن تضيفها الجودة إلى أدائها المؤسسي. اليوم، أصبح السؤال الأهم: هل نطبق الجودة لتحقيق الامتثال فقط أم نسعى لتحقيق الأداء المؤسسي وفعالية النظام؟ بناءً على ذلك، يتوجب على المؤسسات أن تعيد النظر في كيفية تطبيق الجودة وكيفية قياس نتائجها.

العديد من المؤسسات ترى الجودة كوسيلة للحصول على شهادات امتثال دون النظر إلى القيمة الحقيقية التي يمكن أن تضيفها الجودة إلى أدائها المؤسسي

الامتثال: البداية أم النهاية؟

الامتثال كمفهوم يعني الالتزام بمتطلبات المواصفة أو الإطار التنظيمي وبنودها بالنسبة للعديد من المؤسسات، ويعني ذلك إعداد الوثائق المطلوبة للنظام، واجتياز التدقيقات، والحصول على شهادة ISO وهو هدف قد يكون مناسب للمرحلة الاولى فنحن نسعى لبناء ثقافة تتمحور حول الجودة وتبدأ من الامتثال لمتطلبات المواصفات مثل ISO 9001 ويُعد ذلك خطوة أولى نحو بناء نظام جودة فعال وتضع الأساس لتنظيم العمليات، وتوثيقها، وضمان اتباعها بما يتماشى مع المعايير العالمية ولكن علينا هنا أن لا نهمل مخاطر التوقف عند الامتثال فقط وهو لا يمثل الغاية النهائية لنظام الجودة حينها يصبح نظام الجودة مجرد “إطار شكلي” دون إحداث تأثير حقيقي على الأداء المؤسسي لذلك، فإن الجودة ليست فقط وسيلة لتحقيق الامتثال، بل هي عنصر أساسي في بناء ثقافة الأداء الجيد داخل المؤسسة.. ومن ضمن المخاطر :

  • تحول تطبيق الجودة لتكاليف الجودة السيبئة
  • انعدام الابتكار في ظل التركيز على الامتثال فقط
  • فقدان الاستدامة بالنظام

يقول “إدوارد ديمنغ”:“الامتثال وحده لا يؤدي إلى تحسين الجودة ، يجب أن يُدمج في نظام شامل لتحسين العمليات.”

من الامتثال إلى الأداء

في النهاية، الجودة ليست مجرد مفهوم تنظيمي، بل هي محور رئيسي في نجاح المؤسسات. لذا، يجب على المؤسسات أن تستثمر في جودة الأداء كجزء من استراتيجيتها العامة من خلال :

  • إعادة تعريف الهدف من الجودة : الهدف ليس الحصول على شهادة، بل بناء نظام يساعد المؤسسة على تحقيق رؤيتها ورسالتها عبر تحسين العمليات.
  • الجودة تبدأ من القمة : يجب أن نعيد تشكيل ثقافة الجودة لتكون محور الاداء المؤسسي والقيادة في المؤسسة هي المحرك الأساسي لترسيخ هذه الثقافة وليست جهود فردية .
  • التركيز على العمليات وليس الوثائق : أكبر الاخطاء الشائعة هي جعل الجودة عبء امتثال وتوثيق فقط ، الجودة تسعى إلى تحسين العمليات لزيادة الكفاءة وتقليل الهدر بدلاً من الاكتفاء بتوثيق الإجراءات .
  • مؤشرات الأداء : ما لا يمكن قياسة لا يمكن ادارته و القياس هو نقطة البداية لتحويل الامتثال إلى قيمة مضافة وإذا لم تُقاس نتائج العمليات أو تأثيرها على الأهداف المؤسسية، يبقى النظام شكليًا دون أي قيمة ملموسة وهذا ما يراه الأفراد .
  • التحسين المستمر : هذه هي الغاية الاسمى في انظمة الجودة ، يجب أن تكون الجودة محركًا لتحسين العمليات، وتعزيز الابتكار، ودعم اتخاذ القرارات بناءً على بيانات دقيقة .

تذكر أن الجودة تؤكد على أهمية الأداء الجيد في جميع جوانب العمل.

الخلاصة

هناك أهمية للتحول من مجرد الامتثال إلى تحقيق الأداء المؤسسي ، فالتركيز على الامتثال وحده وعدم ادراك عواقب ذلك يجعل نظام الجودة شكليًا يفتقد إلى القيمة المضافة الحقيقية، يجب أن تكون الجودة محركًا لتحسين العمليات، وتعزيز الابتكار، ودعم اتخاذ القرارات بناءً على بيانات واقعية ، حينها فقط يصبح نظام الجودة أداة استراتيجية تساهم في تحقيق رضا العملاء، رفع الكفاءة التشغيلية، وتحقيق أهداف المؤسسة على المدى الطويل.

المؤسسات الناجحة هي تلك التي تتبنى ثقافة التحسين المستمر، حيث يصبح الامتثال قاعدة، والأداء المؤسسي هو الهدف الذي تسعى لتحقيقه بكل مواردها وجهودها.”

يمكنك ايضا الاطلاع على مقالات اخرى في الجودة : الجودة الوهمية ، شكوى العميل: هديةٌ مُغلفة

سجل في نشرتنا البريدية!

سجل في نشرتنا البريدية!

Leave a comment

×