فهد بن سعيد الحارثي
تواجهنا في العمل المؤسسي وعمل الجودة الكثير من التحديات ونتخذ عشرات القرارات التي قد تكون في جوهرها مستندة على الحقائق والأدلة والبراهين والاحصائيات او قد تكون موقفيه لحظية فقط نتيجة خبرة او تفرد بالقرار او قناعة المسؤول ان هذا القرار هو الحل الانسب، ولكن أين يبرز التحدي ؟ كثير من المؤسسات تسعى بشكل عام إلى الالتفاف على المشكلة بحلول وقتية بينما نهمل معالجة السبب الجذري لها ما يدفعها للتكرار وربما تصل في مرحلة ما الى قيادة المؤسسة نحو الانحدار بالأداء وتفاقم تلك المشكلة .
لذلك فان فريق الجودة بشكل خاص والمؤسسة بشكل عام مطالبين بالتفكير والبحث حول الأسباب الجذرية للمشكلة قبل وضع وإقتراح الحلول لها ، وحتى أوضح هذا المفهوم بشكل افضل سأسرد قصة واقعية لأحدى المؤسسات التي تقدم خدماتها للجمهور ، ففي إحدى ورش التدريب المرتبطة بتحسين الأداء طرح الموظفين مشكلة الفاقد في المكالمات والتي تصل الى أكثر من (3000) مكالمة شهريا ونقصد بالفاقد هو عدم الرد على تلك المكالمات نتيجة انشغال موظفي مركز الخدمة بمكالمات أخرى وبالمجمل هناك أكثر من (6000) اتصال شهريا ما بين الفاقد والتي تم الرد عليها .
هذه المشكلة سببت الإجهاد للموظفين نتيجة كثرة المكالمات وأيضا نتيجة الشكاوي لكثرة الفاقد ما أضعف تقييم الخدمة وعدم رضا المتعاملين والذي إنعكس بدوره على تقييم نسبة الرضا ، هنا طلب المدرب من المتدربين ان يتم أخذ هذه المشكلة كحالة دراسية خلال التدريب وتم تقسيمهم الى مجموعات وعلى كل مجموعة البحث عن حلول فعالة لهذه المشكلة ثم العمل على مناقشة جميع المقترحات واختيار البديل الأنسب ، فماذا كانت حلول ومقترحات الفرق المشاركة ؟ كانت كالاتي:
1. زيادة عدد الموظفين للرد على المكالمات
2. زيادة عدد خطوط الهاتف
3. تفعيل خاصية الرد التلقائي
4. تسجيل البيانات وإعادة الاتصال لاحقا
5. تحديد سقف زمني لكل مكالمة
6. وضع مؤشرات أداء الجودة للمكالمات
وحلول كثيرة أخرى تم وضعها، ولكن السؤال الذي طرحة المدرب للجميع أين تحليل المشكلة وسببها الجذري ؟ الكل وضع حلول طارئة وقتية للتعامل مع الحدث القائم أي كيفية الرد على ( 6000) مكالمة ولكن عندما تفكر بفكر الجودة عليك أن تسأل نفسك لماذا هناك ( 6000) مكالمة تردنا شهريا ؟ أين الخلل ، لماذا لم يتم البحث عن السبب الجذري للمكالمات ؟ وما تصنيفها ؟ وما سببها ؟ وأين تتركز ، كان يجب ان يكون الحل هو دفع العميل الى عدم الاتصال من الأساس وتوفير المعلومة قبل طلبها وليس قياس الجودة بعدد المتصلين وهنا ادرك الجميع ان المؤشر الإيجابي كان يجب ان يكون مؤشر سلبي بالانخفاض وليس بالارتفاع والتعامل مع الحالات ، لذلك كل الحلول اتجهت نحو زيادة الموارد وزيادة التكاليف على المؤسسة وزيادة عدد الموظفين .
بدراسة الموضوع نجد أن الخلل يكمن في مهارات التحليل والتفكير بفكر الجودة والتوجيه المناسب للأفراد وربما تكون هذه الثقافة السائدة بالمؤسسة لذلك وعند البحث عن السبب الجذري وتحليل المكالمات وأين تتركز لوحظ اتجاه أكثر من (40) % من المكالمات لخدمة محددة و( 30 ) % للخدمة الأخرى من أًصل أكثر من (30 ) خدمة و عند التعمق بالتحليل وتحليل الأسباب في الخدمات المحددة تم اقتراح حلول جذرية باستخدام التقنية المتوفرة وتفعيل التواصل التلقائي دون الحاجة الى دفع تكاليف إضافية وموظفين ومعدات … الخ .
الخلاصة
علينا اليوم أن ندفع نحو التفكير التحليلي وإستقراء النتائج وتدريب الأفراد بما يتناسب مع الأدوار التي يشغلونها ، وان تبنى ثقافة المؤسسة على التميز من خلال التركيز على الجودة بهدف الفعالية من خلال خفض والوقت والتكلفة والتأكيد بانه ليست كل الحلول وعناصر التحكم من خلال دفع المزيد من التكاليف او تعيين المزيد من الافراد فهناك حلول موجوده بيننا لكننا لا نراها نتيجة نقص تلك المهارة ، وختاما نقول علينا جميعا أن نفكر بفكر الجودة عند البحث في التحديات وحل المشكلات والبحث عن السبب الجذري لها وليش فقط ادارة الازمة .
www.linkedin.com/in/fahad-al-harthy
4 Comments
Mazin alharthy
💯💯
Amira
My name is amira
It is very usefull essay
All the best
Fahad
معلومات قيمة 👍