Skip to content Skip to footer

شكوى العميل: هديةٌ مُغلفة

فهد بن سعيد الحارثي

يقول دونالد كارنيجي “شكوى العميل ليست عبئًا، بل هي هدية“. وفي عالم اليوم الذي يسعى فيه الجميع إلى النجاح، يُعدّ رضا العميل أحد أهم العوامل التي تُحدد مسار أي مؤسسة، فكلما زاد عدد المستفيدين والعملاء الراضين عن الخدمات المقدمة، زادت فرص المؤسسة في النمو والتوسع. ولكن هناك تساؤل مهم عن شكاوى العملاء؟ هل تُعدّ عقبةً في طريق النجاح وانتقادًا، أم هي هديةٌ مُغلفة بفرصٍ للتحسين والتطوير؟

كثيرًا ما لاحظتُ أن هناك توجهات مختلفة للتعامل مع شكاوى العملاء، خاصة تلك المطروحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فمنهم من يتقبل الشكوى كنوع من قبول النقد والبحث عن التحسين، وهناك من يسعى إلى إثبات خطأ العميل المشتكي دون الأخذ بالاعتبار كيف تُشكل شكاوى العملاء بواباتٍ نحو آفاقٍ جديدةٍ من التميز، وكيف من خلال تحليلها بعمقٍ وفهم احتياجات العملاء بدقة، يُمكن للمؤسسات أن تُحدد نقاط ضعفها وتُعالجها، وتُقدم خدماتٍ تلبي توقعات العملاء وتُفوقها.

وحتى أبسط الفكرة بشكل أفضل، وإذا ما أخذنا بالاعتبار أن الشكوى هي توقعات العميل التي خابت، فكّر في الأمر عندما يُقدم لك أحدٌ هديةً مُغلفة، فأنت لا تعرف ما بداخلها. قد تكون هديةً رائعةً تُحقق توقعاتك، أو قد تكون هديةً غير مناسبة لك ودون توقعاتك، لكن في كلتا الحالتين أنت ستُقدّر مُبادرة الشخص الذي قدّم لك الهدية، وستُحاول فهم ما وراءها من معنى.

الارتقاء للاستشارات الإدارية

المثال السابق هو انعكاس حقيقي لما تمثله شكاوى العملاء، فهي هدايا مُقدمة منهم، تُشير إلى نقاط في خدماتك تُشير إلى ملاحظات في خدماتك لا تُلبي احتياجاتهم ولا تحقق توقعاتهم. فإذا تعاملت مع هذه الشكاوى بشكل إيجابي وبِرغبة صادقة في التحسين، ستُصبح هدايا مُغلفة بفرص حقيقية للتطوير والارتقاء بمستوى خدماتك، والعكس صحيح. وحتى ننجح في نقل هذا المفهوم لمستوى آخر فنحن مطالبون بما يلي:

  1. تغيير ثقافة المؤسسة: نحن بحاجة إلى خلق ثقافة تُقدر شكاوى العملاء وتعتبرها فرصة للتحسين، وليست عبئًا أو انتقادًا. شجع الموظفين على الاستماع لصوت العميل دون الخوف من العواقب، بل وكافئهم نظير التعامل الجيد معها.
  2. الشكوى أداة للتشخيص: بادر إلى وضع عدة قنوات لتقديم الشكاوى، وشجع العملاء على إبداء ملاحظاتهم وحدد الاتجاهات المتكررة في شكاوى العملاء. فبدون تحليل ستكون المؤسسة فعليًا بدون توجه واضح ولن تحقق توقعات عملائها أو حتى تلبي احتياجاتهم.
  3. تعلّم من الشكاوى: علينا أن نشجع على المنظمات المتعلمة، نستخدم صوت العميل لتحسين الخدمات، نُحسن العمليات لمنع تكرار الشكاوى، نشارك الدروس المستفادة بين موظفي المؤسسة.
  4. الشكوى إلى فرص: التعامل الجيد مع الشكوى سيحولها إلى فرصة من عميل غير راضٍ إلى عميل داعم للمؤسسة، لا نقع ضحية دائرة فقدان العملاء عبر إهمال الشكاوى مع ما يؤدي إلى تسربهم للمنافسين وضعف تقييم المؤسسة.
  5. العميل الصامت: تقليل الشكاوى هو فخ للجودة أحيانًا ولكن إدارة الشكاوى والاستفادة منها هو الأساس، لذلك انتبه من العملاء الصامتين الذين يبخلون بالمعلومة ما ينعكس في عدم اعتمادهم على الخدمة أو المنتج بالأساس.

الخلاصة ، الشكوى سلاح ذو حدين فاما ان تستخدمها لزيادة العملاء او رفع نسبة الرضا للمؤسسة ومد جسور الثقة مع المستفيدين واما ان تكون سبب في سوء العلاقة بين العميل والمؤسسة وفقدان الثقة ، لذلك خذ بقاعدة لا ضرر ولا ضرار وأتبع الوسطية في التعامل مع كافة انواع الشكاوى خاصة تلك المرتبطة بالخدمات العامة ، فالدخول في حالة من الجدل ومحاولة أثبات خطاء العميل لا طائل منه والعكس صحيح .

يمكنك الأطلاع على العديد من مقالتنا في مجال ادارة الجودة مثل : الجودة والفعالية ، (5) ادوات للقياس , الجودة وإستراتجية الاندفاع

سجل في نشرتنا البريدية!

سجل في نشرتنا البريدية!

×