Skip to content Skip to footer

الجودة والأرشيف

فهد سعيد الحارثي

في بدايات العقد الاول من هذا القرن كان مفهوم الأرشيف لدينا ما يزال يُعنى به أسفل السلم الوظيفي ، وكل من لا يقدّم أداء جيد أو يعاني من ضعف الكفاءة ستكون نهايته الأرشيف وهو ما يعني بالمصطلح السياسي ” أنت شخص غير مرغوب فيه ” وذلك برغم تطور هذا المفهوم حديثا وأصبح علماً يدّرس بحد ذاته .

في منتصف القرن الماضي بدأ الصعود الكبير لمصطلح الجودة في اليابان وبروز روادها ” أدوارد ديمينج “ و “جوزيف جوران ” وما تبعها من تفوق في نظام تويوتا الإنتاجي ( TPS ) والكايزن اليابانية وإنعكاسها على ثورة الجودة في الولايات المتحدة وتبنيها مفهوم الجودة الشاملة ( TQM ) و ظهور نماذج وجوائز التميز لان العالم أدرك ان الجودة هي اللغة الموحدة للمنافسة و لضمان المنتجات والخدمات وان التقييس والمواصفات هي جواز المرور الموحد للأسواق العالمية .

اما اقليمياً، وبالرغم من تأخرنا قليلاً لكن الالفية الجديدة حملت معها دخول الجودة كمفهوم في النسيج المؤسسي بالقطاع الخاص ، ثم بدأت عدد من الدول العربية القليلة في التفوق والاهتمام بهذا العلم بشكل كبير في القطاع العام ، بل وبناء معايير تميز وجوائز تتناسب والنظام البيئي لديها ، ومع هذا الانتشار كان المتوقع ان تكون هناك ثورة في الجودة أقليمياً وزيادة الأهتمام بهذا العلم واعتباره أحد أهم المرتكزات المؤسسية في الوقت الراهن وأن الجودة هي الأساس..

الواقع يقول ونحن في عام 2023 أن الكثير من مؤسساتنا اليوم بعيده كل البعد عن تطبيق الجودة ، حتى أن تلك الهياكل التنظيمية التي ضمت بين اقسامها قسماُ للجودة أصبحت تعامل معاملة الارشيف قديما بالرغم من ان الارشيف أصبح نظاما للوثائق وتطور وأصبح تخصص مهني ، فالموظف غير المرغوب به سيتم نقله للجودة ، ومن لا يرغب بالعمل سيطلب نقله للجودة ، وهناك من القيادات من يقول أن الوقت الآن ليس مناسباً للجودة، لانه و باختصار الجودة من وجهة نظر البعض مجرد قسم عديم الفائدة و غير مفعل ويُعتقد انه نوع من الرفاهية الحديثة، بل وصل الحال في بعض المؤسسات الى إهمال قسم الجودة بشكل كامل منذ سنوات بدون أي موظفين وبدون أي عمليات.

في غياب الرقابة والمساءلة ، وضعف فهم القيادات للجودة ودورها ، وضعف إمكانيات الجهات المسؤولة عن تفعيل الجودة وغياب الحافز ستكون النتيجة الحتمية هي أن ” الجودة ” و ” ألارشيف ” وجهان لعمله واحدة وذلك على الرغم من تطور المفهومين، حينها ندرك أننا بحاجة إلى مراجعة شاملة لأنفسنا على هذا التفكير المتأخر ولماذا نغض الطرف عن كل تجارب الدول المتقدمة التي تقدمت بفضل الجودة ، ولا نقول إلا كما قال ستيف جوبز” بعض الناس غير معتادين على بيئة يتوقع فيها التميز

يمكتك أيضا الاطلاع على مقالاتنا :عاشت الشهادة وماتت الجودة و مخاطر القرار ، فن مفقود .

فهد الحارثي

.

سجل في نشرتنا البريدية!

سجل في نشرتنا البريدية!

Leave a comment

×