Skip to content Skip to footer

الجودة تعني..؟

فهد بن سعيد الحارثي

قبل سنوات مضت، كانت كلمة الجودة تنعكس في ذهني كأداة قياس لرضا العملاء والمستفيدين وذلك من خلال إجراء الاستبيانات فقط، وفعلياً كان مفهوم عمل دوائر الجودة في ذلك الوقت لا يتجاوز هذا الهدف وهو أمر طبيعي بحكم أنها لم تكن جزءًا من أي هيكلة إدارية حكومية ولم يكن هناك اهتمام على الصعيد المحلي بهذا المصطلح بل لم يكن ضمن قاموس عمل أغلب الجهات الحكومية.

منذ 7 سنوات بدأت التبحر في هذا المجال والعلم ما أفضى إلى تغيير مفاهيمي كبير في “الجودة” ولم تعد أداة لإجراء استبيان فقط إنما هي فلسفة ومنهجية تحسين مستمر ومعايير، قياس الأداء، تدقيق وإجراءات تصحيحية، بل ومقياس لكفاءة المشاريع والبرامج المنفذة والعمليات وصولاً لهدفها النهائي إلا وهو “رضا العميل” عبر استخدام الكثير من المنهجيات والأدوات الحديثة كمواصفات الأيزو والـ 6 سيجما ومنهجية اللين وغيرها من الأدوات.

خلال تلك السنوات لم يكن هناك تحدٍ في تعلم تطبيق الجودة كمواصفات إنما كان في إعادة تشكيل الثقافة السائدة بالمؤسسات والمعتقدات الخاطئة حول الجودة بأنها مجرد “شهادة” فقط أو أن الحصول عليها يعني عدم ارتكاب الأخطاء على مستوى المؤسسة وللأسف هذه الاعتقادات يتم تبنيها من أعلى السلم الوظيفي لتنتقل تلقائياً من أعلى الهرم إلى أسفله ما يشكل عائقا أمام زيادة وعي العاملين وقناعتهم بالجودة وممارساتها وأهميتها، ولكن إذا ما تطرقنا للفهم الحقيقي لتطبيقات الجودة ومنهجية تصميم المواصفات وفق نموذج الهيكل عالي المستوى (HLS) فإنَّ هذا المعتقد الخاطئ حولها يمكن إثبات عدم صحته ويتضح ذلك من خلال الآتي:

أولا: الجودة والمواصفات بنيت وفق منهجية التحسين المُستمر (خطط، نفذ، افحص، حسِّن) ما يعني أنك لن تصعد السلم للقمة مباشرة ولكنك ستصعد بخطوات تدريجية مدروسة حيث يزداد مستوى النضج في عملية التطبيق مع الوقت وأن دائرة التحسين لن تتوقف فكلما قيمت ما تمَّ تطبيقه من خلال ما خططت له فإنَّ مجال التحسين سيستمر وذلك من خلال إدماج المخرجات لتكون مدخلات بالعملية التالية.

ثانياً: كل مواصفات الجودة بنيت ليتم التأكد من فعاليتها من خلال تدقيق النظام وتدقيق الأداء ورصد حالات عدم المطابقة وتصحيحها والبحث عن السبب الجذري من خلال بند الرصد والقياس والتتبع ولو كنَّا نتوقع أن تطبيق الجودة سيكون بلا  أخطاء من البداية فلا حاجة لعمليات القياس والرصد.

الخلاصة.. 

نحن اليوم في المراحل الأولى للبنية التحتية لتطبيق نظم إدارة الجودة بالقطاع الحكومي والتي تبدأ من محور الثقافة وهذا يعني الحاجة الحقيقية للبناء من خلال عناصر كثيرة أهمها تأهيل وتمكين الشباب على مهارات الجودة وتضمين برامج الجودة في خطط الموارد البشرية، بالإضافة إلى الاعتماد على نماذج النضج لقياس التطور بها مع التركيز على أهمية إنشاء صندوق وطني للموارد البشرية يعمل على تمويل ودعم الشهادات المهنية في مختلف المجالات ومنها الجودة وهذه الممارسة نجحت في قيادة بعض الدول نحو التميز، والاهتمام بالجودة لم يعد خيارًا أو ترفا إنما أساس وركيزة.

وفي هذا السياق يجب أن ندرك أن مواصفات الأيزو ليست سلسلة من المواصفات فقط بل هي أيضا متطلبات وإرشادات ضرورية لتأسيس أنظمة إدارة الجودة تهدف إلى التطابق مع متطلبات محددة وأداة تقييم لهذه الأنظمة أي أن نظام إدارة الجودة في مؤسساتنا هو الذي يمكن أن يحقق المطابقة مع هذه المواصفات وليس العكس بل إن المواصفة في حد ذاتها هي أدنى درجات متطلبات نظام إدارة الجودة والأصل أن تطورها وتحسنه وإن وضح هذا الفرق فسيزول الاعتقاد الشائع بأنَّ الجودة هي مجرد شهادة.

https://alroya.om/p/292187

سجل في نشرتنا البريدية!

سجل في نشرتنا البريدية!

Leave a comment

×